• عدد المراجعات :
  • 2967
  • 3/11/2007
  • تاريخ :

موقف أهل البيت العملي من القرآن

 موقف أهل البيت العملي من القرآن

وأما موقف أهل البيت العمليّ من القرآن الكريم فكان موقفاً يدعو إلى التأمّل والتدبر، كما يدعو إلى الإعجاب والإكبار.

ونحن ننقل هنا نماذج جاءت على لسان أهل البيت أنفسهم أو على لسان من كتَب عنهم من علماء الإسلام ومؤرّخيه ومن المتعرّضين لسيرتهم عليهم السّلام.

• روى الصّدوق في الخصال بسنده إلى نَوف البَكالي قال: بِتُّ عند أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام فكان يُصلّي اللّيل كلَّه، ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر إلى السّماء ويتلو القرآن.

• وكتب ابن كثير في تاريخه: كان الإمام الحسَن بن عليّ عليه السّلام لا يمرُّ بآية تشتمل على نداء المؤمنين إلاّ قال: اللّهمّ لبَّيك، اللّهمّ لبَّيك. وكان يقرأُ في كلِّ ليلة سورة الكهف.

• وكتب محمد بن طلحة الشّافعي في عبادات الإمام الحسن يقول: كان كأبيه في الجهاد بنفسه وبماله، وفي العبادة والصّلاة والصّيام وتلاوة القرآن.

وعنه يقول ابن نسوة التّميمي:

فليت قَلُوصي عرّبت أو رَحَلتُها

إلى حَسَن في داره وابن جعفرِ

 

إلى ابن رسول الله يأمر بالتُّقى

ويقرأ آيات الكتاب المطهَّرِ

 

• وروى الطّبريّ فيمن روى أحداث واقعة كربلاء أنّه لمّا أراد جيش ابن سعد بدء القتال ومهاجمة المعسكر الحسيني، قال الإمام الحسين عليه السّلام لأخيه العبّاس بن عليّ عليه السّلام: إذهب إليهم واستَمهِلهم هذه العشيّة إلى غد؛ لعلنّا نصلّي لربّنا اللّيلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي اُحبّ الصّلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدّعاء والاستغفار.

• وعن أبي الحسن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام أنّه قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقرأ القرآن، فربّما مرّ به المارُّ فصَعِق مِن حُسن صوته.

• وقال مالك بن أنس (مؤسّس المذهب المالكي) في الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام: «جعفر بن محمّد، اختلفتُ إليه زماناً فما كنتُ أراه إلاّ على إحدى ثلاث خصال: إمّا مُصَلّياً، وإمّا صائماً، وإمّا يقرأ القرآن».

• وجاء في الكافي عن حفص حول الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام أنّه قال: ما رأيت أحداً أشدَّ خوفاً ( أي من الله ) على نفسه من موسى بن جعفر عليه السّلام، ولا أرجى للنّاس منه، وكانت قراءته (أي للقرآن) حزناً، فإذا قرأ فكأنّه يخاطب إنساناً».

• وقال ابن شهر آشوب فيه عليه السّلام أيضاً: كان أفقه أهل زمانه وأحفظهم لكتاب الله وأحسنهم صوتاً بالقرآن، فكان إذا قرأ تحزَّنَ وبكى، وبكى السّامعون لتلاوته.

• وأمّا الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام فقد جاء في كتاب «إعلام الورى بأعلام الهدى» عند ذكر طرف من خصائصه ومناقبه وأخلاقه: إنّ إبراهيم بن العبّاس (الصَّولي) قال: ما رأيت الرّضا عليه السّلام سئِل عن شيء إلاّ علِمه، ولا رأيتُ أعلمَ منه بما كان في الزّمان إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسّؤال عن كلّ شيء فيجيب عنه، وكان جوابه كلّه وتمثُّله انتزاعات من القرآن المجيد، وكان يختمه في كلِّ ثلاث، وكان عليه السّلام يقول:

«لو أنّي أردتُ أن أختمه في أقرب من ثلاث لختمتُ، ولكنّني ما مررتُ بآية قطّ إلاّ فَكَّرتُ فيها، وفي أيّ شيء اُنزِلت وفي أي وقت، فلذلك صرتُ أختمه في كلّ ثلاث».

• وقال المسعودي في مروج الذّهب: سُعِيَ إلى المتوكل بعليّ ( الهادي ) بن محمد الجواد عليه السّلام أنّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قمّ، وأنّه عازم على الوثوب بالدَّولة، فبعث إليه جماعةً من الأتراك فهجموا على داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً ووجدوه في بيتٍ مغلَقٍ عليه، وعليه مدرعةٌ من صوف وهو جالس على الرَّمل والحَصا ومتوجّهُ إلى الله تعالى يتلو آياتٍ من القرآن.

هذا، وما ذكرناه هنا ليس سوى نماذج معدودة من موارد عديدة كثيرة، لو أحصاها أحد وتقصّاها وتتبَّعها لتهيّأ منها مجلد ضخم كثير العبر والدروس.

ولم يكن هذا بالأمر العجيب، فأَهلُ البيت بدءً بالإمام عليّ عليه السّلام وولديه الحسن و الحسين عليهما السّلام أعرَف من غيرهم بقيمة القرآن الكريم وعظمته، وبفضله ومحتواه.

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)